نابليون بونابرت.. اللص الذي زوّد اللوفر بآلاف القطع الفنية المسروقة
عندما كانت الجيوش الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت تغزو ما تطاله من دول أوروبا في طريقها إلى بلاد المشرق في الفترة ما بين (1803-1815)، كان بونابرت إلى جانب دوره العسكري بوصفه إمبراطور فرنسا وقائد الجيوش، يضع نصب عينيه هدفا آخر لا يقل أهمية في نظره عن السيطرة العسكرية على البلاد المستعمرة.
وقد كان هذا الهدف هو جعل باريس عاصمة ثقافية ليس لفرنسا فحسب، بل لأوروبا كلها والشرقين الأوسط والأدنى. وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، عاث بونابرت ناهبا وسارقا جميع ما تطاله جيوشه من التحف الفنية واللوحات التاريخية حيث تم نقل تلك الأعمال الفنية إلى باريس من أجل متحف فني هو الأول من نوعه في أوروبا.
هذا المتحف هو متحف اللوفر الشهير، فقلعة اللوفر التي بناها الملك فيليب أوغوست عام 1190، لتكون حصنا للمدينة في أثناء غيابه الطويل بسبب كثرة الحروب، تحولت فيما بعد لقصر ملكي قطنه كل مَن تعاقبوا على حكم فرنسا وصولًا للويس الرابع عشر، الذي قرر تحويل القصر لمدرسة ومعرض فنون، وتركه منتقلا إلى فرساي ليكون مقرا جديدا للحكم.
مع انطلاق الثورة الفرنسية، أعلنت السلطات الفرنسية أن القلعة ستتحول لمتحف قومي يضم الأعمال الفرنسية التاريخية وبالفعل افتتح المتحف للجمهور في العاشر من أغسطس/آب 1793؛ وبوصول نابليون بونابرت لسدة الحكم في أوائل القرن التاسع عشر؛ كان المتحف الجديد آنذاك ينتظره الكثير والكثير من المفاجآت.
فقد قرر بونابرت أن المتحف يجب أن يليق بمجد فرنسا وانتصاراتها الأسطورية، وأن اللوفر يجب أن يكون متحفا موسوعيا وفريدا يضم الكنوز الفنية والتراثية لجميع المستعمرات الواقعة تحت سيطرة فرنسا. وبذلك يكون الأول من نوعه في أوروبا بل والعالم، إذ يحتوي على أعمال متنوعة من الثقافات والحقب الزمنية كافة.
وبالفعل، ما استعمر بونابرت دولة أو غزا منطقة إلا ونُقلت كنوزها الفنية وأعمالها التاريخية إلى اللوفر الذي أراد له بونابرت أن يفوق التوقعات كافة، فالمتحف الذي يُعد اليوم من أكبر وأقدم المتاحف في العالم لأنه يحوي أكثر من 380 ألف قطعة أثرية ونحو 35 ألف عمل فني، هو في حقيقته ثمرة عقود من النهب والسلب والسرقة.
فعندما كان المتحف مدرسة لتعليم الفنون وعرض التحف الفرنسية التاريخية لم يكن يحتوي على إلا 500 عمل فني فقط. وهو العدد الذي كان بالطبع لا يليق بهيبة فرنسا الاستعمارية كما تراءى لبونابرت، الذي رفع هذا العدد الضئيل لرقم قياسي في سنوات حروبه حيث جلب عشرات آلاف اللوحات والمنحوتات والتحف من البلدان التي غزاها.